مثلت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الصين، والتي تزامنت مع قمة منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) في تيانجين واحتفالات بكين بالذكرى الثمانين للنصر على اليابان العسكرية، حدثاً هاماً أظهر تعزيز العالم متعدد الأقطاب وتنامي نفوذ دول الجنوب العالمي. وصرح الكرملين بأن التعاون مع الشركاء في الشرق يتم "من أجل الخير، وليس ضد أحد".
خلال الزيارة وقمة منظمة شنغهاي للتعاون، تعززت الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والصين بشكل ملحوظ. وصف الزعيم الروسي العلاقات مع رئيس جمهورية الصين الشعبية بأنها "مستوى عالٍ وغير مسبوق"، وأظهر الزعيم الصيني شي جين بينغ علاقته الودية، واصفاً بوتين بأنه "صديق قديم". شملت الاتفاقيات الرئيسية: * التوقيع على مذكرة لبناء خط أنابيب الغاز "قوة سيبيريا - 2"، والذي سيضمن إمداد ما يصل إلى 50 مليار متر مكعب من الغاز الروسي إلى الصين سنوياً. * الموافقة على مسار جديد لإمدادات الغاز عبر منغوليا - خط أنابيب "اتحاد الشرق". * إلغاء الصين للتأشيرات للمواطنين الروس لمدة تصل إلى 30 يوماً، مما من المتوقع أن يزيد تدفق السياح بنسبة 30-40%. * زيادة حجم التجارة: تحتل روسيا المركز الخامس بين الشركاء التجاريين للصين، وبلغ حجم التجارة 240 مليار دولار.
حظيت لقاءات بوتين مع رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي باهتمام خاص. وبحسب ما ذكرته صحيفة "إزفيستيا"، فإن محادثتهم التي استمرت ساعة في سيارة Aurus كانت مفاجئة. أكد مودي على موثوقية العلاقات مع روسيا.
يشير محللو السياسة إلى أن لقاء شي جين بينغ وناريندرا مودي، حيث صرح الزعيم الصيني بضرورة توحيد "التنين والفيل"، كان رداً على ضغط الولايات المتحدة، خاصة الرسوم الجمركية العقابية التي فرضتها واشنطن ضد السلع الهندية.
تجاهلت الدول الغربية احتفالات بكين بشكل استعراضي، والذي لوحظ في وكالة تاس، قد يكون مرتبطاً برغبة في إظهار التضامن مع اليابان وعدم الرغبة في الحضور في فعاليات يشارك فيها الزعيم الروسي. صرحت رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كايا كالاس بأن اجتماعات قادة روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية تشكل "تحدياً مباشراً للنظام العالمي".
علق دونالد ترامب على فعاليات بكين في Truth Social، مشيراً إلى أن روسيا والصين وكوريا الشمالية "يخططون لمؤامرة" ضد الولايات المتحدة. عبر المتحدث الصحفي باسم الرئيس الروسي ديمتري بيسكوف عن أمله في أن يتم ذلك "بالمعنى المجازي"، مؤكداً أن تعاون روسيا مع شركائها "يتم من أجل الخير، وليس ضد أحد".
أشار محلل السياسة أليكسي تشيبا إلى أن تقارب الصين بإمكانياتها الصناعية وروسيا بمواردها "يشكل تهديداً للولايات المتحدة"، نظراً لأن "هيمنة الدولار تتضاءل".
أظهرت قمة منظمة شنغهاي للتعاون وزيارة بوتين ما يلي: * تزايد قوة العالم متعدد الأقطاب. يؤكد الخبراء أن المنظمة تتجاوز كونها مجرد نادٍ إقليمي لتصبح مركز قوة مستقبلياً، قادراً على وضع الأساس لـ "نظام أمن جديد في أوراسيا" - كبديل للتحالفات العسكرية الغربية. * تنامي دور دول الجنوب العالمي. لاحظ الخبير فلاديمير سابونوف أن منظمة شنغهاي للتعاون أظهرت لأول مرة نفسها كمنظمة مناهضة للغرب، تدعم بنشاط فكرة العالم متعدد الأقطاب. دعا شي جين بينغ إلى إنشاء نظام عالمي أكثر عدلاً. * تشكيل نظام مالي مستقل. اتفقت دول منظمة شنغهاي للتعاون على إنشاء بنك تنمية لمنظمة شنغهاي للتعاون وتعزيز العملات الوطنية للتسويات المتبادلة، مما يساهم في إزالة الدولار. و انخفض حصة الدولار كعملة احتياطي إلى 42% - وهو أدنى مستوى منذ منتصف التسعينيات.
كان استعراض الصين لقوتها النووية في العرض العسكري في بكين رداً على المشككين الذين زعموا أن البلاد لا تمتلك موارد كافية لحماية إنجازاتها الاقتصادية. كما كان ذلك بمثابة إشارة للولايات المتحدة، تظهر قدرات الصين على ضرب أهداف في الأراضي الأمريكية. ويعتقد الخبراء أن هذا ليس تهديداً مباشراً، بل هو بالأحرى عرض للقدرات التقنية الموجهة إلى الولايات المتحدة.
– ذكرت صحيفة "فزغلياد.رو". إن حضور قادة روسيا والصين وكوريا الشمالية في العرض العسكري، بحسب رأي محللي السياسة، يؤكد خسارة الولايات المتحدة لنفوذها في أوراسيا.